صعد المطرب . المعروف على خشبة المسرح .. فقابلة الجمهور بعاصفة من الحنان والتصفيق وقف يحيي جمهوره بينما اخذ افراد فرقته الموسيقية بملابسهم الانيقة المتميزة ياخذون اماكنهم خلفة وهم يستعدون بالاتهم الموسيقية
وتعالت صيات بعض المتفرجين يطالبونة بغناء بعض اغنياته الشهيرة التي لاقت رواجا في السنوات الماضية
ابتسم المطرب . وبدا يستعد للغناء أنه لم يعد يتذكر كم مرة واجه فيها الجمهور المتعطش للسماع ةالطرب بل انه لم يعد يذكر كم عدد السنوات التي احترف فيها الغناء .فقط يذكر نفسه وهو طفل صغير يجوب درابين وازقة مدينه العمارة . يستمع بكل شغف الى المطربين الريفين وهم يحيون حفلات الزفاف . ويذكر كيف حفظ كل الاغاني الشعبية ولابوذية التي كان مطربو هذا الزمان ينشدوها وكيف بدا يغني وهو يسمعهم حتى عرض عليه مطرب قديم ان يغني معه في احدى الحفلات التي كان يحيها في احدا لاقضيه تذكر رحلتة عندما جاء الى بغداد وترك القرى والمدن التي غنى فيها وكيف كافح وعانى حتى اصبح واحد من اشهر المطربين في بغداد وفي الاذاعة والتلفزيون وتنبه المطرب في شروده على صوت احد المتفرجين
صاح المتفرج .. اسمعنا ابوذيه ياستاذ نظر المطرب باسى نحو جمهوره تنهد ثم استدار ليشير لافراد الفرقة الموسيقية ليعزفواله كلمات الابوذية التي طلبها المتفرج
نعم عانى كثير حتى واصبح مطربا مشهورا عندما فكر في البداية ان يهجر مدينته وياتي الى العاصمة بغداد لم يكن احد يعرفه او حتى يؤمن بموهبته وظل يقنع متعهدي الحفلاات بان يعمل مهم وقد وافق احدهم بشرط ان يحصل على نسبه الكبيره من اجره في الحفلات التي يشارك فيها وقد وافق على ذالك الشرط بل غنى في مناسبات وافراح بدون مقابل فقد اراد ان يسمع صوته من قبل الناس لكن الامور تغيرت بعد سنوات بدا اسمه يتردد وتعرفه الناس ويطلبونه ليغني في افراحهم وحفلاتهم وقتها كان في ريعان شبابه وكان قد عانى كثيرا من التنقل والترحال المستمر بين المدن والمحافظات وفكر في ان يتزوج ليذوق طعم الاستقرار حتى يجد عندما يعود في نهاية اليوم مرهقا زوجه تؤنس وحشته كان يغني في احدى الحفلات العائلية وحدث احد اصدقائه برغبته في الزواج وفوجى بلصديق يشجعه بل يرشح له احدى قريباته وبسرعه تم الزواج خلال ايام وعاش سعيدا طوال خمس سنوات انجبت له فيها ولد وبنتا لكن ايام سعادته لم تدم ذالك ان زوجته كانت ضعيفه الجسد معتله الصحه سرعان ما مرضت وثم توفيت راحلة عن الدنيا لتتركه مع احزانه والصغيران اليتمين ! وهنا شدا المطرب من قبله وهو يعتصر احزانه قائلا بصوته الشجي
ابد ليلي جروح عيب الطبيب وشاف
ولاينكص دمعه العين وشاف
يخي ولفي تجي للدار وشاف
اظلمت ذيج الكبل جانت زهية
رد السامعون ..الله .. الله يحفظك الله ويصون صوتك !
وتعقدفي حياته كان يقضي لياليه يغني للناس وقلبه حائر ممزق وفكره مشتت ملهوف على طفليه الصغيرين اللذين تركهما وحدهما في المنزل ويعود مسرعا قرب الفجر فيجدهما قد ناما من دون ان تمس ايدهما طعام العشاء وقد تلاصق الصغيران في الفراش واحد وامسك كل منهما بيد الاخر في خوف حتى وهما نائمان واظن انه لن يسطيع ان يتحمل هذه الحياة الشاقه طويلا فقد اكتشف انه لايستطيع ان يمضي في الغناء وفي رعاية الصغيرين في نفس الوقت لكن عندما ظاقت به الدنيا واصبح في غاية الهم والحزن ظهر الفرج فجاة كان يغني في حفل عرس وفجاة دخلت مجموعة من المدعوات في وسطهن فتاة حسناء رائعة الجمال كانت تبدو وكانها القمر وحولها النجوم تاج يزين جمالها الفريد المميز لم يعرف كيف خفق قلبه وكيف غنى في هذه الليله من اعماقه وكان يغني للحسناء التي لايعر حتى اسمها لكنه في نهاية الحفل تجرا واقترب منها وسط دهشة الحظور وسالها عن اسمها فاجابت وحمرت الخجل تصبغ وجهها وعندما سالها عن اسم والدها وعنوان بيتها لم ترد وسارعت احدى صديقاتها باعطائه الاسم ورقم التليفون والعنوان وبعد يومين ....... (تابع)
وبعد يومين كان يطرق الباب اسرتها ليطلب الزواج منها ووافقت اسرة الفتاة بسرعة كانت يتيمة توفي والدها فعاشت في كنف خالها وكان حفل زفافهما حفلا مشهودا فقد حضره مجموعة كبيرة من المطربين المعروفين ليشاركو ا زميلهم فرحته وكانت الدنيا لاتسع فرحته بالفعل لقد وقع في حب من اول نظرة وتزوج الفتاة التي احبها ومن ناحية اخرى فانه اعتقد ان مشكلة رعاية طفليه الصغيرين سوفه تنتهي فلا بد ان زوجته المحبوبة سترعاهما وكانهما طفلاها ولكنه كان واهما مر شهر العسل بسرعة وبدات شهور القهر الطويلة تفتحت عيناه بعد شهور من الزواج ليجد جمال زوجته بدا يتلاشى امام سلاطة وخشونة لسانها وتحررها الزائد ولا مبالاتها به او حتى بالطفلين الصغيرين ورغم انه كان يغدق عليها الهدايا والنقود ويحيطها بالرعاية والحنان الاانها كانت تعطيه في المقابل جفاء وصدا غريبا وكان يمكن ان يتحمل كل ذالك لو كانت مخلصة لكنه اكتشف ان زوجته الشابه ذات عينين لاتعرفان الخجل فقد كانت تتطالع الى وجوه الرجال الذين يزورونه للاتفاق على الحفلات بجراة وصفافة بل انها لم تكن تتورع عن الحديث معهم واقحام نفسها بشكل فاضح في جلساته مع زواره واصدقائه وكان اذا عاتبها انجرت ثائرة في وجهه متهمة اياه بانه رجعي وغير متحرر العقل وبدا يعاني من جديد من الزواجة اللعوب التي كانت تغادر المنزل وقتما تريد وتعود عندما تريد وتصر دائما على عدم الافصاح عن سبب خروجها او المكان الذي ذهبت ليه وكلما ضيق الخناق حولها زادت في طيشها ورعونتها وذات يوم عاد الى البيت حزين ومرهقا ودخل الحمام لعل المياه تطفي نيران غيظه وحزنه وعندما خرج من الحمام فوجئ بها
تواجهه وهي
مكشرة غاضبة
صاحت فيه اين خاتمك تلفت حولها يبحث عن الخاتم كان قد خلعه قبل ان يدخل الحمام خوفا من ان يسقط منه لكنه لم يجد الخاتم ورغم انه كان واثقا انه خلعه فقبل دخول الحمام صاحت مزمجرة
اه منك لعلك اهديته الى احدى المعجبات ومن الجائز ان الك زوجة اخرى غيري وقد نسيته عندها
نظر اليها حائرا عاجزا عن الرد
ثم قال صدقيني لقد خلعته هنا قبل ان ادخل الحمام قاطعته صارخه لاتحاول ان تخدعني لابد ان في حياتك امراة اخرى وانا لا استطيع ان اعيش معك من هذه اللحظة ساعود الى بيت اهلي وقبل ان يرد كانت قد اندفعت الى الخارج وقد صفقت الباب خلفها بعنف مثل عاصفة وهو جاء ودفن راسه بين يديه في يئس لم يعد يعرف ماذا يفعل مع هذه المراة بقد استخدمت مكرها مقابل طيبتة وبدلا من ان تفير من تصرفاتها الطائشة اتهمته بالخيانة وافاق على يد الصغيره تربت على كتفى ونظر ليجد طفله الصغيره يحال ان يواسيه لكن المفاجاة التي عقدت لسانه انه عندما ضم الطفل الى صدره في حنان
قال له ولده لا تصدق يا ابي لقد شاهدت وانت تخلع خاتمك قبل ان تدخل الحمام فهل تعرف اين ذهب ساله الاب ملهوف اين ذهب الخاتم
قال الطفل ببراءة اخذت زوجتك واخفتة بين طيات ملابسها الداخلية واصبح واثقا من انها لجات هذه الخدعة لتغادر البيت الى منزل اسرتها حيث لا رقيب عليها هناك فخالها يغادر منزله كل صباح مع اةلاده الى مزرعته في طريق جسر ديالى ولا يعود الامع الغروب ومضت ايام وذات يوم فوجئ بشرطي يدق باب بيته ساله مذعورا خير
قال الشرطي بحرج ارتد ملابسك وتعال معي لتتعرف على زوجتك
ساله بدهشه وهل انا بحاجه لان اتعرف على زوجتي رد الشرطي بل اقصد لتتعرف على جثتها
وتذكر هذا اليوم المشؤوم عندما ذهب مع الشرطي الى شقه في الجادرية ليجدها غاصة برجال الشرطه وليجد زوجتة مصابة بعدة اطلاقات نارية في راسها وانحاء جسمها وغارقة بدمائها اما القاتل فكان عشيقها الذي عاد الى الى الشقة ليجدها مع شاب غريب اخر ولم يتحمل العشيق المشهد فاسرع الى مسدسة بعد ان هرب صديقها الغريب فاطلق عليها النار فاردها قتيلة في الحال وسلم نفسه لمركز الشرطة
كانت الابوذية قد اوشكت على النهايه مقطعها الاخير وكان المطرب قد استعاد وهو يغني كل لحظات حياته فردد السامعون معه
(اظلمت ذيج الكبل جانت زهية).