استيقظ اهالي احدى قرى الفضيلية في قضاء سوق الشيوخ على صوت اطلاقات نارية كثيفة على أثر مشاجرة نشبت بين عائلتين.. الفلاح عبد الكاظم قاد المعركة في مواجهة أبناء شقيقة زوجته.. هرول اهالي القرية في محاولة لانهاء المعركة ولكن تدخل عبد الحسين الابن الوحيد للفلاح عبد الكاظم زاد من المعركة اشتعالاً خاصة عندما امسك ببندقية الكلاشنكوف وراح يطلق عدة عيارات نارية في الهواء لارهاب اولاد خالته الذين اسرعوا ناحيته ونجحوا في خطف البندقية منه وانهالوا بالضرب المبرح عليه وعلى والده ولم يتركوهما الا بعد ان سقط عبد الحسين مغشياً عليه.. وسقط والده سابحاً في دمائه.. بعد اكثر من ساعة من اندلاع المعركة وصلت قوات مغاوير الشرطة الى القرية ونجح رجالها في السيطرة على الموقف وتم القاء القبض على اقارب عبد الحسين الثلاثة.. كما تم نقل عبد الحسين وولده الى مستشفى القضاء لاجراء العلاج الطبي لهما.
ظن الناس في القرية ان المشاجرة انتهت.. ولكن مع حلول الليل لف خبر محزن ارجاء القرية كلها.. الخبر يقول.. وفاة الفلاح عبد الكاظم متاثراً بجراحه في المستشفى ليتأكد الجميع ان المعركة بين الاقارب قد بدأت وربما لن تنتهي قبل سنوات قادمة!.
عبد الحسين الابن الوحيد للفلاح بعد ان تلقى العلاج في المستشفى وعلم بخبر وفاة والده.. رفض توجيه الاتهام لاولاد خالته.. وأكد في التحقيق الذي اجرته الشرطة أن والده توفى نتيجة لامراضه المزمنة وهو كبير في السن.. ولم تجد الشرطة امامها سوى حفظ القضية واخلاء سبيل اولاد خالته الثلاثة.. بعد ايام من اكمال دفن والده وانتهاء مراسيم الفاتحة.. رفض عبد الحسين قبول التعزية من اولاد خالته.. مؤكداً أنه لن يتلقى العزاء في والده الا بعد ان ينتقم من اولاد خالته بقتلهم جميعا.. واخذت والدته تشجعه على الانتقام لوالده وتحفزه على ضرورة الاخذ بالثأر منهم.
على الجانب الآخر احس مختار القرية بتصميم عبد الحسين على الاتنقام وتصفية اولاد خالته فتوجه اليهم وطلب منهم الذهاب معه للتصالح مع عبد الحسين وتقديم واجب العزاء والاعتذار عن المشاجرة التي نشبت بينهم وبين زوج خالتهم الراحل والتي تسببت في وفاته.. ولكن خالتهم وابن خالتهم عبد الحسين رفضا استقبالهم والجلوس معهم وتوسط مختار القرية لهم.
فعاد الثلاثة بخفي حنين وقد تاكدوا ان عبد الحسين قرر الانتقام منهم لوالده الراحل.. لذلك جلس الاشقاء الثلاثة يتدارسون الامر بعد ان اصبحت حياتهم يتهددها الخطر، فكر الاشقاء الثلاثة في ترك القرية.. ولكن مصالحهم في القرية والارض الزراعية التي يتولون زراعتها بانفسهم حالت دون تنفيذ ذلك.. حاولوا بشتى الطرق عقد صلح ودفع اي مبلغ يطلبه ابن خالتهم عبد الحسين. ارسلوا اليه بعض الاقارب وكبار رجال القرية.. ولكن الجميع عادوا برد واحد.. عبد الحسين مصمم على أخذ الثأر لوالده!..
باءت كل محاولات الاشقاء الثلاثة لاثناء ابن خالتهم عن فكرة الانتقام بالفشل.. ولم يكن امام الثلاثة سوى انتظار موعد تنفيذ عبد الحسين لقراره الذي اصر عليه!.
في المقابل.. جلس عبد الحسين يفكر طويلاً في كيفية الانتقام من أولاد خالته.. لم يذق عبد الحسين طعماً للنوم لايام عديدة.. ظل ساهراً يرسم الخطة وراء الاخرى حتى اذا نفذ فكرته عجزت الشرطة عن توجيه أي اتهام له بقتلهم!.
وفي هذه الاثناء كان يجهز بندقيته كل يوم ويقوم بتنظيفها بنفسه وحشو العتاد فيها حتى يتأكد من عملها في اللحظة التي يحددها.
ذات ليلة جلس عبد الحسين في غرفته ممسكاً ببندقيته ينظفها ويفحص الشاجور فيها.. كان عبد الحسين قد حدد موعد الصفر لعملية الانتقام من ابناء خالته ورسم الخطة لاقتحام منزلهم مع الخيوط الاولى للفجر للاجهاز عليهم جميعا.. ولكن.. فجأة.. ودون سابق إنذار خرجت رصاصة من البندقية عندما وضع يده على الزناد من دون قصد لتستقر في الجانب الايسر من صدر عبد الحسين.. سالت الدماء بغزارة منه.. وهرولت والدته اليه بعد أن استيقظت مفزوعة على صوت الرصاصة لتجد ابنها الوحيد يصارع الموت.. اطلقت الام صرخة هائلة.. وتجمع الجيران حولها وقاموا بنقل الابن المصاب الى المستشفى.. وهناك قال عبد الحسين للطبيب المعالج جملة واحدة وراح بعدها في غيبوبة.
-أولاد خالتي.. هم قتلوني!
تم ابلاغ الشرطة فتوجهت الى المستشفى لتدوين أقواله.. ولم تستطع أخذ افادته لسوء حالته الصحية ودخوله في الغيبوبة.. بينما اكدت والدته للشرطة ان ابناء شقيقتها حاولوا قتل ابنها واكد على كلامها الطبيب المعالج الذي سمع اقوال الابن المصاب حين تم نقله الى المستشفى.. وقال في افادته انه سمع عبد الحسين يردد ان اولاد خالتي هم الذين قتلوني!.
الغيبوبة التي دخالها عبد الحسين بعد اصابته استمرت اكثر من ثلاثة أسابيع.. ضابط الشرطة استدعى الاشقاء الثلاثة لتدوين اقوالهم في الاتهام الموجه اليهم.. وانكر الثلاثة الاتهام ولكنهم لم يتمكنوا من الاجابة عن السؤال المهم.. اين كانوا وقت وقوع الحادث؟ كما أن عدداً من اهالي القرية ادلوا بشهادتهم التي اكدت وقوع مشاجرة بين عبد الحسين واولاد خالته سقط خلالها والده مصاباً وتوفى متاثراً بجراحه.. أحيل الاخوة الثلاثة الى محكمة الناصرية التي عقدت جلساتها للاستماع الى اقوال المتهمين الذين انكروا قيامهم بمحاولة قتل ابن خالتهم.. وفي اثناء ذلك نجحت محاولات الاطباء في المستشفى في انقاذ حياة عبد الحسين.. ,اكدوا امكانية استجواب الشاب المصاب.
وكانت المفاجأة التي لم يتوقعها المتهمون أنفسهم.. أكد عبد الحسين أن ابناء خالته أبرياء من محاولة قتله واعترف ان الرصاصة التي اصابته خرجت بطريق الخطأ من بندقيته اثناء تنظيفها.. واكد لقاضي التحقيق في اثناء افادته انه رأى الموت بعينه وكان قاب قوسين أو ادنى منه ولذلك برأ ذمته من أولاد خالته.. اعترافات المجني عليه كانت امام المحكمة بعد ايام.. حيث قضت على اثرها ببراءة الاشقاء الثلاثة من تهمة الشروع في قتل ابن خالتهم.. لتنطلق الهلاهل داخل المحكمة.. بينما ذرفت خالتهم الدموع عندما شعرت بتأنيب الضمير وان ابناءاختها كانوا مظلومين!!